
بعد عام 2003 اتجهت السياسة العامة للحكومة نحو
التخلي عن النظام المركزي والعمل على الاصلاح الاقتصادي بهدف معالجة الاختلالات
التي ورثها النظام الجديد عن السياسات السابقة .
وقد تجسدت تلك التوجهات في عدة محاور كان من اهمها ما ورد في الدستور
العراقي من نصوص تؤكد التوجه نحو اصلاح الاقتصاد وتشجيع القطاع الخاص وتحفيز
الاستثمار ...اضافة الى ما جاء في ستراتيجية التنمية الوطنية للسنوات 2007 – 2010
التي ركزت على هدف تخفيض البطالة في العراق وزيادة مشاركة المراة في قوة العمل وقد
اشتملت هذه الستراتيجية على تشخيص جوانب الخلل في كافة القطاعات الاقتصادية وتحديد
متطلبات معالجة تلك الاختلالات وكذلك قامت الحكومة باجراء اصلاحات في اطار برنامج
للاصلاح اقتصادي تم الاتفاق حوله مع صندوق النقد الدولي ، كما تسعى الحكومة نحو الانضمام لمنظمة
التجارة العالمية بهدف تعزيز اسس الانفتاح والاندماج مع العالم ...وقد اكدت الحكومة
العراقية هذه التوجهات في وثيقة العهد الدولي التي تبين الرؤية الوطنية لتعزيز الاصلاحات وكسب تاييد المجتمع الدولي
لجهود الحكومة .
1 ــ تم دراسة بعض
المؤشرات الاقتصادية من اهمها تطور الناتج المحلي الاجمالي الذي تبين انه كان
متذبذبا خلال السنوات 2000 – 2007 وان التغيرات التي كانت تحدث هي بسبب تغير
الايرادات النفطية والمرتبطة بتذبذب الكميات التي صدرها العراق والتغيرات الكبيرة
في اسعار النفط في تلك السنوات . وعند
متابعة التركيب النسبي للناتج المحلي الاجمالي حسب الانشطة الاقتصادية تبين تراجع
مساهمة القطاعين الزراعي والصناعي مع هيمنة القطاع النفطي في تكوين الناتج المحلي
الاجمالي ، وهذا يعني ان القطاعات التي تخلق فرص العمل شهدت تراجعا كبيرا . وقد بينت بقية المؤشرات حول توزيع العاملين
ومدى مساهمتهم في القطاعين العام والخاص ان هناك غيابا لسياسة واضحة في التشغيل وتراجع في القطاعات
التي تخلق فرص العمل .
2ــ من تحليل السياسات
الاقتصادية ومدى علاقتها بالتشغيل تم تشخيص بعض الجوانب
في مجال السياسة المالية تبين غياب تاثير
الادوات التقليدية للمالية العامة والتي تشمل الضرائب والرسوم واقتصار السياسة
المالية في اعداد الموانات العامة ، وقد شهدت تلك الموازنات توسعا كبيرا في جانبي
الايرادات والنفقات بحيث انعكست بشكل ملحوظ في تخفيض معدلات البطالة الا ان
استمرار اعمال العنف والارهاب وتفشي ظاهرة الفساد المالي والاداري وضعف مستوى الاداء الحكومي ... كل ذلك ادى الى
عدم قدرة السياسة المالية على تحقيق اهدافها .
3
ــ وفي مجال السياسة النقدية التي كانت
اهدافها واضحة في تحقيق الاستقرار وخفض معدلات التضخم ، فقد نجحت في تحسين قيمة
الدينار العراقي على مدى السنوات التي تلت عام 2003 الا ان معدلات التضخم استمرت
بالارتفاع وذلك بسبب ان العوامل المؤثرة في التضخم كانت عوامل غير نقدية ، وان
السياسة النقدية المتشددة كان لها اثرا في ابطاء عملية تخفيض البطالة .
4
وفي ما يتعلق بالسياسة الاستثمارية وعلى
الرغم من مساعي الحكومة نحو تنشيط الاستثمار وجذب الاستثمارات الاجنبية الا ان
المشاكل والصعوبات لا تزال تعيق حركة الاستثمارات في معظم مناطق العراق وقد اثر
ذلك في امكانية خلق فرص عمل جديدة عن طريق الاستمارات الجديدة .
من خلال ما تقدم عرضه تتبين الحاجة الى دراسة سوق العمل في العراق ورسم
سياسة للتشغيل تتناسب مع ظروف المرحلة المقبلة وان تكون سياسة التشغيل المقترحة
ضمن استراتيجية للتنمية الاقتصادية تراعى فيها كافة المتغيرات المحتملة وزيادة دور
القطاع الخاص المحلي والاجنبي في خلق فرص العمل .