استراتيجية التخفيف من الفقر وعمالة الاطفال ... د.دهام العزاوي
يعد يوم الثاني عشر من حزيران من كل
عام يوما عالميا تستذكر فيه منظمةالعمل الدولية اسوء اشكال عمالة
الاطفال لاسيما في المجتمعات المسحوقة وتلكالتي تشهد اضطرابات و اعمال تهجير
وقتل وتجنيد للاطفال نتيجة النزاعاتالمسلحة مثلما يحصل في العراق وسوريا
واليمن وليبيا حيث اضطرت مئات الافالعوائل وفي ظروف الارهاب والتهجير
ومقتل رب الاسرة وتفشي الفقر وتدنيالواقع الاقتصادي الى تشغيل اولادها
في مهن وضيعة لاتتناسب مع اعمارهموقدرتهم على التحمل اذ يقضي الاطفال
ساعات طوال في بيع الماء والمناديل فيالشوارع وحمل مواد البناء والصناديق
الكبيرة والكثيرون منهم امتهنوا التسولوصبغ الاحذية في سبيل تأمين لقمة
العيش لهم ولعوائلهم المهجرة والنازحةوالفقيرة . في العراق هناك اليوم اكثر
من نصف مليون طفل يعملون خارج ضوابطالقوانين ولاسيما قانون العمل رقم 37
لسنة 2015، والذي يمنع الشخص دون سن 18 سنة من العمل حفاظا على حياته ولكي تتاح له فرص الحياة
المستقرة بعيداعن براثن الفقر في ابعاده المختلفة من تعليم وصحة وغذاء وسكن
وحمايةاجتماعية
ويوحي واقع الحال بان معدلات الفقر في العراق تزداد وان الارهابوشحة
الموارد العامة وازمة الاقتصاد وعمليات النزوح والتهجير والعنف الاسريوارتفاع
حالات الطلاق والهروب من المدارس وضعف القانون والفساد كلها عواملتزيد من
الفقر ويضطر معها سنويا عشرات الاف لترك مقاعدهم في المدارسالابتدائية والثانوية والنزول للعمل
في ظروف غير ملائمة من الناحية الصحيةوالبيئية والانسانية كالعمل في معامل
الطابوق وورش الحدادة ورش المبيداتالزراعية والنوادي الليلية وبيع
الخمور . وتحت ضغط العوز بات الكثير منالاطفال عرضة للتجنيد في التنظيمات
الارهابية كداعش وغيرها . والسؤال الذييطرح هو مالذي يمكن ان تقدمه
استراتيجية التخفيف من الفقر الثانية في تحصينالاطفال من الفقر ومنع انزلاقهم الى
سوق العمل والذي يقتل بكل تأكيدبرائتهم وطاقتهم .لقد كان سؤالا جوهريا طرح علينا اثناء
مداخلتنا عنالاستراتيجية ودورها في الحد من ظاهرة عمالة الاطفال والتي
دعانا لها مركزالتضامن العمالي في فندق المنصور ميليا يوم 6/12، لقد حاول بعض
المتداخلينوبسذاجة ان يعول على الستراتيجية في حل قنبلة اجتماعية تتفاقم
يوميا بسببالارهاب وعجز الميزانية وضعف قوانين تفتيش العمل وبيروقراطية
وزارة العملفي معالجة الظاهرة وان يرمي الكرة في ملعبنا،في تبرئة واضحة
لجهات رسميةمعنية اكثر بمكافحة ظاهرة عمالة الاطفال كوزارة العمل
والداخلية والتربيةوغيرها. من المهم الاشارة هنا الى ان جزءا من المشاريع التي
سوف تتبناهاالاستراتيجية معنية بالاطفال ولاسيما في محصلة التربية
ومشاريعها لمحوالامية وبناء وتأهيل المدارس في الاحياء الفقيرة وبما يعيد ضبط
سلوكالاطفال
ويمنع تسربهم من المدارس وكذلك في محصلة الصحة ومشاريعها في انشاءمراكز
وبيوت وعيادات متنقلة في المناطق الفقيرة وتأمين مياه صالحة فيالمناطق
الفقيرة ولكن من الصعب التاكيد على ان الاستراتيجية معنية بشكلمباشر في
الحد من عمالة الاطفال .ان مشاريع الاستراتيجية هي مشاريع عامةوشاملة لكل
ابعاد الفقر وفئاته حيث تستهدف تحسين واقع الفقير اينما كان فيالعراق
ولجميع الفئات طفلا كان ام شابا ام طاعنا في السن، ذكرا كان ام انثى .ان هذا التوصيف لطبيعة الاستراتيجية
مهم لكي لاتخلط الاوراق وينسب لهاماليس في حدودها وطاقتها كما انه
لايعني اطلاقا ان القائمين علىالاستراتيجية يتملصون من مسؤولياتهم
في حماية الطفل الفقير وتوفير بيئةامنه له صحيا وتربويا ونفسيا لينمو
بكرامة وانسانية في كنف عائلته التيتكفلت الاستراتيجية برفع جزء بسيط من
معاناتها ولكن من المهم انالاستراتيجية في مكافحتها لفقر الاطفال ومايسببه من جنوح
الاطفال للعمل غيراللائق انما تعمل ضمن مشروع وطني متكامل تتشارك فيه جهات رسمية
وغير رسميةاخرى يعول عليها كذلك في انقاذ الفئات الهشة من براثن الفاقة
والتشردوالارهاب
والتهجير وبما يحفظ ويعيد كرامتهم الانسانية .