
إن الحركة النقابية الديمقراطية بقت خلال الفترة
السابقة المظلمة مستمرة في نضالها من اجل الحقوق النقابية وحقوق العمال في
التنظيم الحر المستقل عن الدولة وإلغاء القوانين التي أصدرها ما يسمى بمجلس قيادة
الثورة، وعندما حانت الفرصة بعد السقوط بدأ العمل في إعادة عملية النضال من
اجل بناء الحركة النقابية على أسس صحيحة، إلا أن الظروف الجديدة التي اعتمدت
على انفتاح واسع وتعددية على أساس الخلاف للهيمنة تدخلت لتكون التعددية ما بين
الرؤيا القديمة ومفهوم الوصاية وبين مفهوم القوى العمالية التي تتبنى التوجه الحر
لكن على أسس الالتزام بمبادئ الديمقراطية النقابية وعدم العودة إلى الصراع المبني
على المنفعة وهذه الرؤيا الجديدة لم تتخلى عن تراثها الذي كان يهدف إلى قيام حركة
نقابية حرة بعيدة عن تأثيرات الدولة أو الأحزاب بما فيها أحزاب الإسلام السياسي
التي هيمنت على السلطة بانقلابات عسكرية رجعية أو قومية بعثية، الرؤيا
الجديدة اتجهت إلى موقعها الطبيعي في العلاقة مع الاتحادات الدولية والعربية مثل الاتحاد الدولي للعمال العرب واتحاد
النقابات العالمي والاتحادات الدولية، وتوجهت إلى إعادة الثقة بالحركة النقابية
العمالية لكن ظاهرة أول ردة فعل رجعية معادية للعمال وحركتهم النقابية في تدخل
مجلس الحكم بقيادة الحاكم الأمريكي بريمر في شؤون الحركة النقابية
والاتحادات والجمعيات ومنها العمالية حيث صدر قرار " 3- لعام 2004 "
لمجلس الحكم ونصت الفقرة الأولى بحل جميع النقابات والاتحادات العمالية لحين
إجراء الانتخابات ولم تكتف التجاوزات التدخل في الشؤون الداخلية حيث صدر بعدها قار
وزاري بتشكيل لجنة
سداسية "الأمر
المرقم 8750 لسنة 2005 " برئاسة وزير العمل والشؤون الاجتماعية، مهمة
هذه اللجنة الإشراف على الانتخابات التي كان من المقرر إجرائها وبهذا يمكن التدخل
حينها وإعادة السياسة التمويهية المعادية لحقوق العمال حسب أهداف المخططين للهيمنة
على النقابات والاتحادات العمالية النقابية .
اليوم وبحلول أول أيار تواجه الحركة النقابية
العمالية تعتيماً إعلامياً وسياسياً ما عدا الأحزاب الوطنية الديمقراطية ولهذا يجب
أن تعي هذه الحركة مضار التشرذم والركض خلف المصالح وتعرية خداع البعثيين والبعض
من أحزاب الإسلام السياسي في العودة لأسلوب السيطرة وحرف الحركة النقابية ثم
الاستيلاء على الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق وتسخيره لأهداف سياسية
بالإهمال للقضايا المطلبية الملحة التي تطرحها القوى الوطنية والديمقراطية.
إن المهمات الآنية والمستقبلية لن يكون من السهل تحقيقها
إلا بالوحدة والإرادة والنضال المشترك وتمثيل العمال بشكل صائب والنضال من اجل رفع
الحيف عن العمال في مجال الانتخابات التشريعية وغيرها فمثلاً أن ملايين العمال
النقابين لا يمتلكون شهادات أكاديمية عالية لهذا هم محرومين من ترشيح أنفسهم
للبرلمان، وهذا العمل لا يمكن إنجازه إلا بواسطة التنظيم الذي يعد احد التنظيمات
العمالية لتحقيق مصالح الطبقة العاملة المطلبية وتحقيق التوازن مع النضال الوطني
والاممي وبهذا تكتمل اللوحة النضالية ما بين الحاضر والمستقبل ما بين الخاص والعام
..